مرحباً عزيزي الوافد، اسمح لي اليوم أن آخذك معي في رحلة قصيرة على حسابي حتى آخر المقال، وأرجو منك أن تقبل مني هذا العرض ولا تحرمني من شرف إمساك يدك والسير معك قليلاً حتى آخر سطر، وأن يكون صدرك رحبا تماماً كما تعودنا منكم خلال السبعين سنة الماضية من تاريخ الكويت، فكما تعلمون أن شعب الكويت لم ينزل من السماء كما أنه لم ينبت من الأرض ولكنه امتداد لدولكم وشعوبكم التي جئتم منها، تماماً كما دولكم وشعوبكم هي امتداد للكويت التي جئتم إليها.
بالأمس ذهبت إلى أحد مراكز الشباب، وهناك تعرفت على خمسة شباب رائعين، ثلاثة وافدين وكويتيين اثنين، واكتشفت أنهم يقومون بعمل تطوعي في هذا المركز لتعليم الشباب بعض المهارات والمسارات التي من الممكن أن تغير حياتهم وتوفر لهم مساحات جميلة بالتعاون مع مركز صباح الأحمد للموهوبين.
ورغم أن الشابين الكويتيين يأتيان من منطقة بعيدة (الجهراء) إلا أن هذا لم يستوقفني كثيراً، خصوصاً وأن الشباب الكويتي على استعداد لأن يحمل الكويت نفسها إلى أبعد مما يتصور أولئك الذين يعتقدون أنهم براميل بترول مدحرجة على عتبات العولمة.
ولكن ما استوقفني فعلاً هو هؤلاء الوافدون الثلاثة الذين يأتون للمركز بواسطة التاكسي ذهاباً وإيابا رغم أنهم طلاب جامعة، ويدفعون على مواصلاتهم في الطريق أكثر مما يصرفون على أكلهم في المنزل، ورغم ذلك فهم متطوعون لتنمية المجتمع الكويتي، ولدى أحدهم فرقة تطوعية لخدمة الناس، ولدى آخر نظرة مستقبلية لخدمة الكويت، ولدى الثالث مشروع لخدمة البشرية.
فما أروع هذا النموذج الشبابي الوافد المرتبط بالأرض وليس المصلحة، والمرتبط بالمجتمع وليس الكفيل، هذا النموذج الذي لم يعتبر الكويت معسكر عمل بل اعتبرها وطنا ومسكنا، محاولين مع بعض الشباب الكويتيين أن يجعلوا منها مساحة آمنة ومشتركة وجميلة للجميع. وبالتأكيد فإن هناك الكثير من هذه النماذج الوافدة المشرفة في الكويت التي لا أعلم عنها شيئا.
وحتى لا تعتقد عزيزي الوافد أني غارق في محيط من المثالية الأفلاطونية وأني لا أشعر ببعض الظروف التي تتعرض لها في حياتك، فأنا أعلم أنه منذ الزمن الذي كان فيه (الكفيل) للأيتام والقصر حسب الشريعة، وحتى الزمن الذي أصبح فيه (الكفيل) للمستشار والمحامي والمهندس حسب القانون، فقد تغيرت بعض الأمور الخارجة عن إرادتنا جميعاً، ولكن صدقني فأنا كمواطن كنت أشجع نادي الكويت الرياضي، ولكن بعد أن تزوجت وأصبح لدي أبناء أصبحت أشجع وزارة الإسكان من أجل البيت الحكومي!
فكلنا يا عزيزي نعاني...ولكن هذا لن ولم يمنعنا من أن نقدم نماذج مشرفة مشتركة تعبر عن هويتنا وامتدادنا العربي الذي يرتبط بالأرض قبل أي شيء آخر. إن علينا أن نسير كما قال عادل إمام على خطى رفاعه طهطاوي وقاسم أمين وعلي مبارك وزكي جمعة...مين زكي جمعة ده؟
عموماً، وصلنا إلى آخر المقال، وها أنذا أترك يدك التي تشرفت بإمساكها في أول المقال...فأرجوك اجعلها يدا تعمل من أجل الجميع بدلاً من أن تجعلها لسانا ناقما على الجميع.
قصة قصيرة:
عبدالرحمن العنزي، محمد الظفيري، أنس، حمزة، عبدالله...قصة قصيرة أصلها ثابت وفرعها شامخ.
كاتب كويتي
0 التعليقات:
إرسال تعليق