قفزة نوعية في تحويلات المصريين... الرسمية




شهدت تحويلات المصريين في الكويت خلال الأيام الثلاثة الماضية عبر شركات الصرافة، قفزة نوعية سواء من حيث الكمية أو القيمة، حيث وصلت إلى مستويات تاريخية قياساً بالمعدلات المتدنية التي سبقت قرار تحرير سعر صرف الجنيه، في حين اقتصرت عمليات استبدال الدينار بالجنيه والعكس على المبالغ البسيطة.

وكشفت مصادر مسؤولة  أن تعاملات سوق الصرافة الكويتية سجلت خلال اليومين الماضيين زيادة كبيرة في حجم تحويلات المصريين، حيث ارتفع متوسط أعداد العمليات التي تمت في كل شركة من شركات الصرافة الثلاث الرئيسية منذ يوم الجمعة الماضي إلى نحو 500 عملية يومياً مقارنة بنحو 20 عملية يومية كانت تتم حتى يوم الثلاثاء الماضي، في حين تراوح متوسط قيمة هذه التحويلات بين 5 إلى 6 ملايين جنيه لكل منها.
 


وأفادت المصادر أن تركيبة هذه التحويلات تميل من حيث العدد إلى التحويل بالجنيه، حيث قام نحو 70 في المئة من المصريين بإجراء تحويلاتهم في الأيام الثلاثة الماضية بالجنيه، مقابل 30 في المئة فضلوا التحويل بالدولار، رغم أن تحويلات الدولار استحوذت على النصيب الأكبر من وزن القيمة المحولة، فبالأرقام استحوذت هذه التحويلات على اكثر من نصف قيمة التحويلات اليومية.

وبينت المصادر أن متوسط قيم تحويلات الأفراد بالجنيه التي تم تسجيلها خلال الأيام الثلاثة الماضية، تبدأ من ألف جنيه إلى 350 ألفا، وفي بعض الحالات قام أقل من 10 عملاء بتحويل ما يقارب نصف مليون جنيه لكل منهم عبر مختلف شركات الصرافة، أما بالنسبة لتحويلات الدولار، فقيمة أكبر عملية تم تسجيلها تتجاوز 10 آلاف دولار.



وأرجعت المصادر أسباب الزيادة الكبيرة في التحويلات لأكثر من اعتبار، أبرزها أن نحو 97.5 في المئة من المصريين المقيمين في الكويت كان يفضلون قبل قرار تعويم الجنيه، التحويل عبر السوق السوداء، بتشجيع من فرص الربح الواسعة التي كانوا يسجلونها عبر تحويلاتهم.

لكن بعد قرار تحرير سعر صرف الجنيه، تحولت الفائدة إلى السوق الرسمي باعتبار أنها باتت متساوية أو قريبة وأحسن في بعض الحالات من أسعار المضاربين الذين لا يزال بعضهم يحاول إشعال المضاربة لصالح أعماله على الدولار بين الفينة والأخرى، دون أن يتخلى عن الحذر في تنفيذ خدماتهم.

أما الاعتبار الثاني، فيرجع إلى أن غالبية المضاربين لا يفضلون التعامل مع تحويل المبالغ التي تقل عن 10 آلاف جنيه، لضعف العائد المحقق منهم، ما دفع هذه الشريحة والتي تمثل الجزء الأكبر من حيث الكم، إلى اللجوء لشركات الصرافة في تحويل أموالهم.

لكن ما يثير الاهتمام أكثر أن جميع تحويلات المصريين في الأيام الماضية لا تعكس القيمة الحقيقية لقدرتهم، سواء من حيث الكم أو القيمة، فالعديد من مستثمري الدولار المصريين يراهنون على المزيد من قوة العملة الخضراء، وصعودها إلى مستويات جديدة، ومن ثم فإن باعتقادهم أن الاحتفاظ بها لبعض الوقت الإضافي سيمكنهم من جني مكاسب جديدة.



ولعل ما يغذي هذه المراهنات عدم اليقين الذي يكتنف وضع الجنيه وتأثيراته، ما جعل التحول بالدولار أكثر جاذبية، خصوصاً في ظل تسجيل سعر صرف الجنيه تراجعات جديدة منذ قرار التعويم وصل إلى أكثر من 3 جنيهات لصالح الدولار الواحد، حيث أسهمت هذه الحالة في تنامي التوقعات بأن الدولار متجه إلى تحقيق مزيد من المكاسب الإضافية في الأيام القريبة المقبلة.

علاوة على ذلك، فإنه بخلاف المعتقد بأن تحرير سعر صرف الجنيه سيؤدي إلى القضاء على سوق العملة، يمكن القول إن هذه السوق لم تنته حتى الآن، فإذا كانت تعاملاتها تراجعت من الناحية النظرية، إلا انها فعلياً تطورت، وبدأت تأخذ أشكالاً مختلفة وجميعها رسمية.

فشركات الصرافة تقوم حاليا بالدور نفسه الذي كان يقوم به تجار العملة في السابق، حيث تحاول مغازلة العملاء من خلال تخفيض أسعارها لجعلها قريبة من المعدلات المدفوعة من المضاربين، ومن ثم تستطيع تحقيق أرباحها من الهامش المسجل بين سعر البيع والشراء.

لكن حتى هذه اللحظة لا يستقيم سعر صرف شركات الصرافة للدينار المدفوع، مقابل الجنيه مع القيمة الحقيقية المتداولة لسعر الدولار في مصر، والذي بلغ أعلى سعر له في الأيام الثلاثة الماضية 16 جنيهاً، وفي حالات محدودة وصل إلى 17 جنيهاً.

وبحسبة بسيطة يمكن ملاحظة انه على افتراض أن سعر الدولار يساوي 16 جنيها، فينبغي أن يكون سعر صرف الدينار مقابل الدولار هو 18.9 دينار لكل ألف جنيه، في حين أن أفضل سعر شراء في شركات الصرافة حتى يوم أمس يتجاوز 21 دينارا، ما يعني أن الهامش الذي تحاول شركات الصرافة التحرك خلاله يقارب دينارين في كل ألف مصري.

ويبدو أن بعض المصريين فطنوا لهذه المكاسب سريعاً، فلجأوا خصوصاً أصحاب المبالغ المتوسطة والكبيرة إلى فتح حسابات في بلدانهم بالدولار، ومن ثم استبدال تحويلاتهم هناك بالجنيه، مع الأخذ بالاعتبار أن هذه الشريحة ستقوم بمبادلة تحويلاتها بأعلى سعر يمكن ان تحصل عليه، سواء في البنك المحول إليه أو في أي بنك آخر يقدم سعراً تنافسياً.

في الوقت نفسه، توقف غالبية المضاربين وشركات الصرافة التي نشطت في الأشهر الماضية، سواء لحسابها أو لصالح عملائها عن إجراء أي تحويلات بالدولار، حيث استمروا في تنفيذ عملياتهم مع الاحتفاظ بقيمها الدولارية دون تصريف إلى الجنيه.



0 التعليقات:

إرسال تعليق