وكشفت مصادر مسؤولة أن الحصة السوقية لشركات الصرافة، من تحويلات الجنسية المصرية سجلت انهياراً كبيراً في الأشهر الماضية، بمعدل يقارب 97.5 في المئة عن قيمتها المسجلة في الفترة نفسها من العام الماضي، مشيرة إلى أن الكويت تشهد تواجد نحو 40 شركة صرافة، منها 5 شركات تسيطر بشكل شبه كامل على سوق التحويلات المصرية ومعاملاتها.
ووفقا لدراسة مقارنة أعدتها «الراي» وحصلت على بيانتها (غير الرسمية) من مصادر مسؤولة، فإن أكبر شركة صرافة متخصصة في تحويلات الوافدين المصريين، سجلت تراجعاً حاداً في عمليات تحويلاتها، بحيث بلغ أعلى عدد لتحويلاتها في وقت سابق نحو 90 ألف عملية شهرياً، مقابل أدنى معدل سجلته في الفترة الاخيرة بنحو 17 ألفا شهرياً.
وهبطت حصة ثاني أكبر شركة من نحو 60 ألف عملية إلى نحو 11 ألفاً، فيما تراجعت العمليات التشغيلية لثالث أكبر شركة من من نحو 30 ألفاً إلى أقل من 5 آلاف في الشهر، في حين أن خسائر الشركتين الرابعة والخامسة باتت أكبر بكثير.
ويبدو أن التحدي لا يكمن فقط في هبوط أعداد عمليات التحويلات، بل في قيمها التي أصبحت باهتة، فمن متوسط تحويلات بقيمة تقارب 10 ملايين جنيه يومياً قياساً بأداء أكبر شركة، إلى متوسط يتراوح بين 50 إلى 250 ألف جنيه يومياً، وتحديداً في الثلث الآخير من الشهر والذي يتوافق مع فترة الرواتب.
وباتت التحويلات الرسمية للعمالة المصرية، التي تمثل أكبر جالية في الكويت بعد الهندية، مقتصرة على التحويلات الصغيرة.
ووفقاً لمعلومات نشرتها «الراي» في مايو الماضي، كان محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر للكويت، قد أفاد لمسؤولين كويتيين خلال زيارة قاموا بها في هذه الأثناء لمسؤولين في البنك المركزي والهيئة العامة للاستثمار، بأن تحويلات المصريين العاملين في الكويت إلى بلاده، تراجعت بنحو مليار دولار، منذ بدء أزمة الجنيه التي تشهدها مصر منذ فترة طويلة، لكن من الواضح أن هذا الرقم تنامى أكثر خلال الفترة الماضية، بسبب زيادة اتساع الفجوة بين أسعار السوقين.
ورقمياً، تتعامل شركات الصرافة بسعر الصرف الرسمي للجنيه، والمحدد من قبل البنك المركزي المصري، بسعر يقارب 35 ديناراً لكل ألف جنيه، في حين وصل سعره في الأسابيع الاخيرة بالسوق السوداء إلى نحو 24 ديناراً، ما يعني أن كل الف جنيه يحولها العميل إلى بلاده عبر السوق الرسمي، يستطيع ان يحول مقابلها نحو 1500 جنيهاً في السوق غير النظامية، ما يجعل المنافسة مائلة كثيراً لصالح حركة الأموال التي تتم خارج النظام المصرفي الرسمي لذلك.
وبقراءة سريعة لأعداد وقيم تحويلات المصريين في الكويت والخليج عموماً، يتضح أن شيئاً ما تغير وبدأ يتضح بشكل أكبر في المراكز المالية لشركات الصرافة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، لدرجة أن بعضها بدأ يدرس تقليص عمالته، فيما أفادت المصادر أن الهبوط الكبير في معدلات تحويلات المصريين عدداً وقيمة دفع هذه الشركات وتحديداً الرئيسية إلى البحث عن خطط بديلة، لعلها تعوض خسارتها الكبيرة من هذه السوق.
وإلى ذلك لجأت الشركات للتواصل مع عملائها، في مسعى منها لإقناعهم بإجراء تحويلاتهم بالدولار، بدلاً من الجنيه، وفي هذه الحالة سيكون بإمكانهم تضييق الهامش المسجل إلى مستويات تكاد تكون متطابقة.
ومن أجل تحفيز عملائها على إجراء تحويلاتهم بالدولار، منحت شركات الصرافة بعد التنسيق مع البنوكً المصرية، التزاماً بان يحصل العميل على كامل مستحقاته بالدولار، مع نسبة عمولة لا تتجاوز 5 دولارات.
تركيز على غير المصريين
كما سعت شركات الصرافة الرئيسية إلى التعويض عن التراجع الحاد في تحويلات المصريين، من خلال التركيز على الجنسيات الاخرى، لعلها تعيد تعبئة الكوب الذي بدأ يفرغ بسبب هبوط حصتها من ثاني أكبر جنسية في البلاد.
وبالفعل أفلحت هذه الخطة نوعاً ما في التعويض على هذه الشركات، وإعادة تغذية إيراداتها بقيم تحويلات تقارب نصف مليون دولار وتحديداً خلال فترة إيداع الرواتب.
ولكن نجاح خطط المراوغة التي وضعتها شركات الصرافة، في وجه منافسيها من التجار غير الرسميين، لم تصمد لأكثر من شهر، بعدما برزت أمامها تحديات جديدة، ليس أقلها التدابير التي اتخذها البنك المركزي المصري في شأن تثبيت سعر شراء الدولار بـ 8.85 جنيه، مقابل سعر بيعه في السوق السوداء بما تجاوز 12.5 جنيه، ما شرع باب التحويلات الخلفي للبنوك مجدداً.
ومع اتساع فجوة سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، بات لجوء العملاء في إجراء تحويلاتهم عبر السوق السوداء أمراً أكثر تحفيزاً، بفضل اختصار العميل من خلالها للجهد والوقت، إضافة إلى معدل الفائدة الكبير الذي يمكن أن يجنيه بفضل إجراء تحويلاته عبرها.
ومحاسبياً شكل التراجع الكبير في تحويلات المصريين، ضغوطات كبيرة على إيرادات شركات الصرافة الكبرى التي كانت تستفيد من رسم التحويل، إضافة لحرمانها من الأرباح المحققة من فروقات سعر العملة.
العملاء يفضّلون السوق السوداء
وقالت المصادر إن هذه السوق تكبر بدعم من اتساع الفجوة بين سعر الصرف الرسمي، الذي يمكن أن يحصل عليه العميل من البنوك وشركات الصرافة، والآخر الذي يمكن الحصول عليه عن طريق التحويلات غير الرسمية، ما يزيد من صعوبة استعادة العملاء مرة ثانية، حتى ولو كان ذلك من خلال مغازلتهم بالتحويلات الدولارية، التي تظل رغم التسهيلات الممنوحة أقل جذباً للعملاء، بفضل أسعارها المرتبطة بأسعار صرف الدولار في مصر.
ولعل ما يزيد من ضعف مقدرة شركات الصرافة على مواجهة تجار السوق السوداء، أن شريحة كبيرة من المصريين العاملين في الكويت يصنفون على أنها من أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة، ما يجعل اهتماماتهم تتركز على تحقيق الاستفادة من فارق هامش سعر الصرف الواسع المسجل بين السوقين.
تحويلات متواضعة
لأصحاب الرواتب العالية
ميدانياً، لم تنته معاناة شركات الصرافة من تراجع عمليات تحويلات المصريين الصغيرة والكبيرة، إذ إن تحويلات المصريين من أصحاب الدخول الكبيرة باتت متواضعة أيضاً، بحيث يلجأ أصحاب المداخيل الكبيرة عادة إلى السوق الرسمي عندما تتاح لهم الفرصة الاستثمارية المناسبة، والتي تستدعي تحويل أموالهم بشكل نظامي، تفادياً للدخول في مواجهة مع النظام الرقابي المصرفي، إذ إن المخاوف من مخاطر التحويلات الكبرى
غير الرسمية تتنامى لديهم من إمكانية أن يصبحوا عرضة للتحقيق من الجهات الرقابية الكويتية أو المصرية، في حال تم القبض على تجار العملة، وثبت بشكل أو بآخر علاقتهم بهم.
وتظل هكذا مخاطر مجرد رفاهية فكرية عند القاعدة العريضة من العاملين المصريين في الخارج، بحيث لا يقتصر ذلك على العاملين في الكويت فحسب، بل ينسحب على جميع العاملين في الدول الخليجية، ما دامت أزمة العملة المصرية حاضرة والدولار يحتفظ بهييته.
0 التعليقات:
إرسال تعليق