عُرفت قرية كاليتشي التي تقع في شمال كازاخستان، بظاهرة غريبة من نوعها،
لم يُعرف لها تفسير إلى الآن، وهي حالات النوم المفاجئ التي تصيب قاطني
القرية من دون إنذار سابق، وتتراوح فترة النوم ما بين يومين إلى ستة أيام،
مع هلوسة سمعية وبصرية ومن دون أن يتذكر الشخص ما حدث له.
وأكد
السكان المحليون أن هذه الظاهرة بدأت منذ العام 2010، وكانت أولى الضحايا
ليبوف لايبوكا، التي كانت تتحدث مع صديقاتها لتسقط فجأة على كرسيها من دون
حراك، وفق ما نشره موقع "هافينغتون بوست".
وأُجريت الفحوصات في ذلك
الوقت للايبوكا، ولم يُكشف عن أي إصابات ولم تستجب لمحاولات إيقاظها، بل
استيقظت بعد أربعة أيام من تلقاء نفسها، مع أعراض لفقدان الذاكرة الموقت.
وانتشرت
الظاهرة سريعاً، حتى أصابت 129 شخصاً من أصل 680، هم سكان القرية التي
تبعد من العاصمة أستانة نحو 400 كيلومتر، وعن الحدود الروسية نحو 230
كيلومتراً.
أما في صيف العام 2014، فقد أُصيب 60 شخصاً بالنوم
المفاجئ، واستيقظوا بعد ذلك يعانون من فقدان ذاكرة جزئي وغثيان ودوار، في
حين أُصيب بعضهم بسكتات دماغية خلال نومهم. وفي العام نفسه، شهِدت المدارس
نوم مجموعة من الطلاب داخل الفصول الدراسية، ما أدى إلى إيقاف الدراسة،
خصوصاً بعدما بدأ الطلاب في الهلوسة ورؤية أشياء غريبة كثلاجات تتدلى من
سقف الفصل الدراسي وأقزام وأفيال وأحصنة مجنّحة.
وعجز العلماء
والأطباء عن إيجاد تفسير واضح لهذه الظاهرة، في حين اعتقدت وزارة الصحة في
كازاخستان أن السبب قد يكون من الأبخرة التي يتعرّض لها السكان في موسم
التدفئة، إلا أن ذلك لم يُثبت لأن الظاهرة استمرت على مدى الفصول الأربعة.
وأجرى
الأطباء دراسة من خلال أخذ سبعة آلاف عيّنة من السكان والتربة والهواء،
واستبعدوا، بعد ظهور النتائج، أن يكون السبب هو مرض الالتهاب السحائي، كما
لم يجدوا أي شيء غريب في التربة والمياه والهواء.
وفي آخر الأبحاث،
توصل العلماء إلى ثلاثة تفسيرات محتملة لهذه الظاهرة، أولها أن تكون مناجم
اليورانيوم المجاورة للقرية التي أُغلقت في عهد الاتحاد السوفياتي هي
السبب، لكن لم يظهر هناك ارتفاع في مستويات الأشعة أو المعادن الثقيلة في
الهواء.
أما التفسير الثاني، فهو حلول أول أكسيد الكربون مكان
الأوكسجين في جسم الضحية، وفق ما ذكره علماء متخصصون من معهد الإيكولوجيا
الإشعاعية ومعهد الصحة والأمراض المهنية ومعهد الفيزياء النووية، حيث كشفت
العينات تركيزات عالية من أول أوكسيد الكربون، تصل إلى 10 أضعاف ما هو
مسموح به في كازاخستان.
وأكد مدير المركز النووي الوطني في معهد
السلامة الإشعاعية وعلم البيئة، سيرغي لوكاشينكو، أن هذا هو التفسير الوحيد
لهذه الظاهرة الغريبة، في حين قال الأخصائي الرئوي في المركز الطبي بجامعة
ديوك في الولايات المتحدة الأميركية، كلود بيانتدزبي: "إن تفسير أول
أوكسيد الكربون قد يبدو مناسباً، لكن هذه الأعراض ليست محددة ودقيقة، وهذه
هي المشكلة التي ستجعلنا ننحّيه جانباً".
أما التفسير الثالث فهو
"الهستيريا الجماعية"، وتوجه له العلماء والأطباء بعدما عجزوا عن إيجاد
تفسير علمي، وهي هستيريا تظهر بسبب القلق طويل المدى، والذي تتحول أعراضه
إلى الضحك والبكاء والنوم المتواصل وارتعاش الأطراف. وتنتشر هذه الظاهرة في
المجتمعات الصغيرة المُغلقة والمنعزلة، كالمدارس والمصانع.
وفي ضوء عدم إيجاد تفسير لهذا اللغز، تعمل الحكومة الكازاخستانية على نقل السكان من قريتهم إلى مناطق أُخرى، خوفاً من تطور الظاهرة.